أقل ما روي في ذلك، وقبل أن تتفرق هذه الجموع الغفيرة نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند مكان خارج مكة يدعى غدير خم - وهو المكان الذي تتفرق منه الطرق إلى المدينة، والشام، والعراق، ومصر - قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) [المائدة / 67]. وقد نزلت هذه الآية في الثامن عشر من ذي الحجة والتي يظهر منها أن الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه بإعلان بلاغ على أثر ذلك بالتوقف، وخطب فيهم:
(أيها الناس، إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجاهدت، فجزاك الله خيرا ". قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا " عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد، ثم قال: أيها الناس، ألا تسمعون؟ قالوا: نعم.
قال: فإني فرط على الحوض فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين. فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله، والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا. ثم أخذ بيد علي فرفعها، وعرفه القوم أجمعون فقال: أيها الناس، من أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه - قالها ثلاث مرات - اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه،