وهذا عبد المتعال الجبري مرة أخرى يظهر جرأة غريبة بقوله: (ولم تتوقف فتوح معاوية [أيام ولايته على الشام] وغزواته إلا أيام الفتنة الكبرى، حينما شغل بالحروب مع الإمام علي رضي الله عنهما وغفر لهما) (1).
وكل من يتمعن بهذا القول يجد فيه تخطيئا " مبطنا " لعلي عليه السلام، ويطلب الكاتب من الله المغفرة له على خطئه هذا، لأنه عليه السلام شغل معاوية عن الجهاد!!. فمن الذي شغل من؟ ومن الذي تمرد على من؟ أوليس الإمام علي عليه السلام هو الخليفة الذي ينبغي أن يطاع والذي يأمر بالغزو ويعين قادته ووقته ووجهته؟ فما لمعاوية والجهاد في وقت لم يكن فيه سوى وال متمرد نصب نفسه خليفة بعد أن عزله الخليفة الشرعي عن الإمارة. بل أنه من الثابت تاريخيا " أن معاوية وعندما أحكم نزوته أخيرا " على كرسي الخلافة، فإنه قام بتوقيع معاهدة خنوع أخذ يدفع بموجبها 100 ألف دينار سنويا " مقابل امتناع الروم عن غزو الشام (2).
ثم يضيف الجبري في أثناء دفاعه المستميت عن معاوية وعموم بني أمية وتخطيئا " لعلي عليه السلام: (كما أننا لا نعلم لأي شئ استعجل علي عزل معاوية أمير الشام، وقد عينه [والصحيح عين أخوه يزيد] على ذلك المنصب من قبله أبو بكر الصديق ثم [عينه] عمر بن الخطاب، وأقره على ذلك بعدهما عثمان، وفوق ذلك كله لم يرفع عنه شكوى واحدة (!)، مع كثرة الشكاوى على العمال والحكام والولاة) (3).
وفي محاولة لإغلاق أي باب للبحث في فواحش معاوية فإن الجبري ينقل في كتابه ما رواه الحافظ ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنه عندما قال له