وهذا أيضا " محب الدين الخطيب يؤيد هذا التبرير معلقا ": (الخلافة والملك والإمارة عناوين اصطلاحية تتكيف في التاريخ باعتبار مدلولها العملي، والعبرة دائما " بسيرة المرء وعمله) (1). ولحق ابن العربي والخطيب نسخا " عنهما الشيخ عبد المتعال الجبري وهو أحد رموز بعض الجماعات الإسلامية في مصر قائلا ": (والواقع أن المسألة هي مسألة اصطلاح... خلافة أو إمارة أو ملك، فالجميع مقيدو السلطات بقوانين الله المسطورة في الكتاب والسنة، فالعبرة بالنظام والعدل لا بالألقاب وأسماء الحكام والولاة وأسماء وظائفهم، وقد كان داوود وسليمان ملوكا " صالحين، فما عابهما ذلك) (2)!
ولكن معاذ الله أن يقارن معاوية المحتال وسفاك الدماء البريئة بأنبياء الله الصالحين. فقد كان من سيرة معاوية وعمله قتل حجر بن عدي وأصحابه لرفضهم سب الإمام علي عليه السلام والتبري منه كما ثبت ذلك من المصادر التاريخية، إلا أن ابن العربي يرى أن قتلهم كان حقا "، لأن معاوية هو إمام الأمة، والأصل في فعل الإمام هو الحق (3) (!)، ويستشهد بما كتب على أبواب مساجد بغداد: (خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم علي، ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم) (4).
ولعدم وجود أي مبرر واقعي لقتل حجر وأصحابه، فإن ابن العربي يقول (بعد أن ذكر عتاب عائشة لمعاوية ورده لها: دعيني وحجرا " حتى نلتقي عند الله): (وأنتم يا معشر المسلمين أولى أن تدعوهما حتى يقفا بين يدي الله مع صاحبهما العدل، الأمين، المصطفى، المكين..) (5).