دين تجتمع به القلوب حتى يرى أهله الطاعة فيه فرضا "، والتناصر عليه حتما " لم يكن للسلطان لبث، ولا لأيامه صفو، وكان سلطان قصر أو مفسد دهر.
ومن هذين الوجهين وجب إقامة إمام يكون سلطان الوقت وزعيم الأمة، فيكون الدين محروسا " بسلطانه، والسلطان جاريا " على سنن الدين وأحكامه) (1).
وبالرغم من هذا التزاوج الواضح بين الدين والدولة بحيث إن صلاح أحدهما لا يكون إلا بصلاح الآخر، فإن موقع النظر في مسألة ولاية أمر المسلمين المتمثلة بالخلافة والإمامة لا ينسجم مع أهميتها العظمى هذه ويصنفها العلماء القدماء من أهل السنة ليس ضمن فروع الدين وأحكام الفقه فقط، وإنما يحثون على عدم خوض الكلام والبحث فيها أيصا "، لما قد يجلب ذلك من انتقاد بحق الخلفاء لا سيما الأوائل منهم! فيقول الغزالي: (إعلم أن النظر في الإمامة ليس من المهمات، وليس أيضا " من فن المعقولات (بمعنى أنه ليس من العقائد) بل من الفقهيات. بل إنها مثار للتعصبات، والمعرض عن الخوض فيها أسلم من الخائض فيها وإن أصاب، فكيف إذا أخطأ؟) (3).
وللآمدي رأي مطابق للرأي السابق يقول فيه: (واعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات، ولا من الأمور الأبديات بحيث لا يسع المكلف الاعتراض عنها والجهل بها، بل لعمري إن المعرض عنها أرجى من الواغل فيها. فإنها قلما تنفك عن التعصب، والأهواء، وإثارة الفتن، والشحناء، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسلف بالازراء، هذا مع كون الخائض فيها سالكا " سبيل التحقيق، فكيف إذا كان خارجا " عن سواء الطريق؟) (3).
وقد انطلق هذا الاعتبار بفرعية الخلافة والإمامة عند أهل السنة وتهميش موقعها ضمن تعاليم الدين من اعتقادهم بعدم تدخل الشريعة من الأساس بتعيين