له يضع يده على متن ثور، فله بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن، فسأل الله أن يدينه من الأرض المقدسة رمية بحجر) (1).
وقد عبر الشيخ المرحوم محمد الغزالي عن استيائه لتزمت شارح هذا الحديث في أحد المصادر التي رجع إليها وجعله در الحديث إلحادا (2). وإليك كلام الشارح المدافع بإصرار عن صحة الرواية ونوع التبرير والمنقط الذي قدمه:
قال المارزي: وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث، وأنكروا تصوره، وقالوا: كيف يجوز على موسى عليه السلام قد أذن الله تعالى له في هذه اللطمة، ويكون ذلك امتحانا " للملطوم، والله سبحانه يفعل في خلقه ما شاء، ويمتحنهم بما أراد.
والثاني: أن هذا على المجاز، والمراد أن موسى ناظره وحاجه فغلبه بالحجة، ويقال: فقأ فلان عين فلان إذا غلبه بالحجة، ويقال: عودت الشئ إذا أدخلت فيه نقصا "، قال: وفي هذا ضعف لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: فرد الله عينه، فإن قيل: أراد رد حجته كان بعيدا ".
والثالث: أن موسى عليه السلام لم يعلم أنه ملك من عند الله، وظن أنه رجل قصده يريد نفسه، فدافعه عنها، فأدت المدافعة إلى فقء عينه، لا أنه قصدها بالفقء، وتؤيده رواية: صكه، وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين واختاره المازري والقاضي عياض. قالوا: وليس في الحديث تصريح أنه تعمد فق ء عينه، فإن قيل: فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيا " بأنه ملك الموت، فالجواب أنه أتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها أنه ملك الموت فاستسلم، بخلاف المرة الأولى. والله أعلم (3).