والكثير من التفاصيل، فلو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يكون الأمر بعده كذلك لعلمهم إياه، أو على أقل تقدير كان ليبين لهم المبادئ الإسلامية لعملية الشورى هذه.
والآية الكريمة ليس فيها ما يدل على أن المسلمين يجب عليهم التشاور في جميع شؤونهم، وإنما لا بد وأن يكون ذلك محصورا " بالشؤون التي لم يرد فيها نص من الكتاب والسنة كما هو متفق عليه عند الجميع. فكما أنه لا يجوز التشاور في عدد ركعات الصلاة، فإنه لا يجوز التشاور أيضا " في تعيين خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما دام قد وجدت هناك نصوص قطعية تعين هويتهم. وأما في عصرنا هذا الذي يشهد استمرار غيبة الإمام الثاني عشر، فإن الشورى ينبغي الأخذ بها في تعيين من ينوب عن الإمام، فالنص محصور باثني عشر إماما ".
وبتقدير أن الشورى هي المبدأ الأساس في تعيين خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأين كان موقع هذه الشورى من صراع السقيفة وتنصيب أبي بكر؟ وأين كانت هذه الشورى عندما ورث أبو بكر الخلافة لعمر بنص أجبر المسلمين على التسليم والرضا به، ودون أن يكون لأي أحد الفرصة لمناقشته؟ وأين كانت هذه الشورى في تنصيب عثمان والذي لم تؤل الخلافة إليه إلا بتعهده بالسير على سنة الشيخين أبي بكر وعمر بعد أن رفض علي التعهد بالعمل بها؟
وهل كان تنصيب معاوية بشورى، والذي تسبب في إراقة دماء عشرات الآلاف من المسلمين في صفين وغيرها من الغارات التي شنها على الولايات الإسلامية أثناء خلافة علي؟
وماذا بالنسبة لموقع الشورى من بيعة يزيد؟ أوليس هو الذي نصبه معاوية قبل موته جاعلا " التوريث وإراقة دماء المعارضين مبدءا " دستوريا " سار عليه أئمة المسلمين منذ خلافته ولغاية القضاء على خلافة الإمبراطورية العثمانية في مطلع القرن الميلادي الحالي؟
فكيف يعتبر أهل السنة شرعية كل أولئك الخلفاء بالرغم من أن في طريقة تنصيبهم مخالفة صريحة لمبدأ الشورى؟