ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب حاطب وقال: لأنه كان ابن عمتك؟ فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر واستوف حقك، ثم أرسله إلى جارك، فكان (صلى الله عليه وآله) قد أشار على الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه، فلما أحفظ (أغضب) رسول الله (صلى الله عليه وآله) استوعب للزبير حقه في صريح الحكم، ثم خرجا فمرا على المقداد، فقال: لمن كان القضاء؟ فقال الأنصاري: قضى لابن عمته، ولوى شدقه، ففطن يهودي كان مع المقداد فقال: قاتل الله هؤلاء، يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضى بينهم، وأيم الله، لقد أذنبنا ذنبا مرة في حياة موسى، فدعانا إلى التوبة منه، وقال:
اقتلوا أنفسكم، ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا...
وروي عن عمر (رضي الله عنه) أنه قال: والله لو أمرنا ربنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك (1).
إذن نزلت الآية في قضاء النبي (صلى الله عليه وآله) بين اثنين كما ذكر الكشاف.
ومن الذين أيدوا نزول القرآن وفق رغبات عمر هو النووي. إذ ذكر في التهذيب: نزل القرآن بموافقته (عمر) في أسرى بدر وفي الحجاب وفي مقام إبراهيم، وفي تحريم الخمر، وحديثها في السنن ومستدرك الحاكم أنه قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فأنزل الله تحريمها (2).
في حين كانت الحقيقة كالتالي: قال محمد الأبشيهي المحلي المتوفى سنة 850 هجرية قد أنزل الله في الخمر ثلاث آيات: الأولى في قوله: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس} فكان من المسلمين من شارب ومن تارك، إلى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر فنزل قوله تعالى: {يا أيها الذين