ومن هذا نفهم أن هناك مؤامرة أموية معدة لإقصاء أهل البيت (عليهم السلام) والناس المتقين عن مسرح السيرة النبوية، وحصر السيرة في سلاطين المسلمين وبني أمية.
وأي قراءة لنا في كتاب الطبري المسمى بتاريخ الأمم والملوك نجده بحق تاريخا للملوك وكتابا لهم دون الشعوب، وهكذا كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير. فلا منزلة للشعوب في أمثال هذه الكتب.
وآثار الوضع الأموي في تلك الأحاديث واضحة، إذ نقرأ في كتاب مسلم حديثا منسوبا إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) برواية أبي هريرة جاء فيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها، التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا.
ولكني إنما خلقت للحرث. فقال الناس: سبحان الله تعجبا وفزعا. أبقرة تكلم؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإني أومن به وأبو بكر وعمر (1).
ووضع أبو هريرة على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) حديثا آخر جاء فيه: قال رسول الله بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة. فطلبه الراعي حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيري؟ فقال الناس: سبحان الله! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر (2).
أي أن الناس جميعا لم يصدقوا الخبر؟ فقالوا: سبحان الله وأجابهم الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن أبا بكر وعمر يصدقان به!
وقد ساهم عمرو بن العاص (وزير معاوية وعدو علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا النهج لكسب ود معاوية ويشفي غليل قلبه) في الأمر فقد سألوه: أي الناس أحب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ابن العاص: عائشة قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت