ولما كانت شجاعة الإمام علي (عليه السلام) لا تحتاج إلى كلام فهو بطل المعارك، وحامل لواء الرسول (صلى الله عليه وآله) في معاركه، لاحظ ماذا وضعوا على لسانه من زيف:
أخرج البزار في مسنده عن علي أنه قال: أخبروني من أشجع الناس؟
فقالوا: أنت، قال أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر فجعلنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام عريشا فقلنا: من يكون مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه فهو أشجع الناس...
وقد توضح كذب هذا، إذ ذكرنا في باب غزوات عمر فرار أبي بكر وعمر وعثمان في معارك أحد وخيبر والخندق وحنين. ولكن القصاصين أرادوا أن يجعلوا أبا بكر الشجاع الأول في الإسلام لإبعاد علي (عليه السلام) عن هذا المنصب الذي ناله بجداره عبر معاركه في بدر وأحد وخيبر والخندق وحنين.
وقد امتنع أبو بكر وعمر من مبارزة عمرو بن عبد ود العامري في معركة الخندق خوفا من سيفه وبرز له علي (عليه السلام) فقتله (1). وذكر أن معاوية أعطى سمرة بن جندب من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام أن قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} أنه نزل في علي بن أبي طالب، وأن قوله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله تعالى} نزل في ابن ملجم (2).