ولما فشل ابن العاص في إقناع ملك الحبشة في اليوم الأول قال: والله لأتينه غدا بما يبيد خضراءهم. فقال له رفيقه: لا تفعل فإن لهم أرحاما.
فلما كان الغد قال للنجاشي: إن هؤلاء يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما (1). ولولا النصر الإلهي للمهاجرين ودفاع جعفر بن أبي طالب لنجحت جهود ابن العاص، في إعادة المهاجرين.
وبرز دور عمرو بن العاص بعد بيعة السقيفة، إذ تحرك لمهاجمة الأنصار، والانتقاص منهم، لأنهم تراجعوا عن بيعة أبي بكر. فأشرك عكرمة بن أبي جهل في ذم الأنصار وبيان عيوبهم في الجاهلية.
ولعظيم مشاركته في دعم النظام أرسله أبو بكر قائدا لجيش في الشام، وعينه عمر واليا على مصر، والوالي على مصر يكون واليا على إفريقيا.
والداهية الثالث، هو عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، رفيق ابن العاص في رحلته إلى الحبشة.
لقد كانت قريش في عادتها ترسل دهاتها في المأموريات الخطرة. وفي محاولتها إرجاع المسلمين من الحبشة انتخبت قريش رجلين توسمت بهما القدرة على إقناع ملك الحبشة، وهما عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص.
ولقد كان ابن العاص في سفرته السابقة للحبشة قد اصطحب عمارة بن الوليد داهية بني مخزوم، ولكنه غدر به عند الملك فقتله (2) وشاءت الأمور أن ينتخب عمر بن الخطاب هذين الرجلين الخطرين لولاية إقليمين مهمين ألا وهما مصر واليمن. ولم يكن يحلم هذان الرجلان اللذان دخلا الإسلام متأخرين في نيل أقل من تلك الوظيفة، فكيف بتلك الوظيفة الخطرة. في حين خاف الخليفة عمر من