وقد مات بلال بن رباح في الشام سنة ثماني عشرة، ومات معاذ بن جبل في قصير الأردن الشام في نفس السنة وكان عمره ثمانيا وثلاثين سنة (1). ومات أبو عبيدة بن الجراح بفحل الأردن (2).
لما اشتد الصراع بين عمر وابن الجراح أثر عزل ابن الجراح عن الخلافة وامتناع عمر عن دخول الشام، قال ابن عوف: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه، فانصرف عمر بالناس إلى المدينة. وقد ذكر هذه الرواية البخاري ومسلم.
وآثار الوضع على هذه الرواية واضح، إذ لم يسمع بها ابن الجراح وأتباعه وأهل الشام، ولم يسمع بها عمر والوفد المرافق له!! كما إنها مخالفة للعقل والمنطق إذ لا يوجد سبب عقلائي يوجب به النبي (صلى الله عليه وآله) على الناس البقاء في بلد يهلكه الطاعون!
فتمكن ابن عوف بهذا الحديث من إنقاذ عمر وردع ابن الجراح المعزول عن الخلافة. وخلع ابن الجراح يصب في صالح عثمان وابن عوف لأنه المنافس الأول لهما داخل الحزب القرشي، ولقد قال عمر في وصف ابن عوف بأنه فرعون هذه الأمة (3) ثم جعل انتخاب الخليفة في يده.
ولما عاد عمر من الشام خلع أبا عبيدة بن الجراح من ولاية الشام وعين معاوية بدلا عنه (4) ثم مات أبو عبيدة في نفس السنة في فحل في الأردن معزولا عن الخلافة والولاية!
وكان أبو عبيدة قد تنحى عن عمر وجماعته، وهم في طريقهم إلى الحج،