بل وتسعة أعشار العشر، وفي الناس كلهم عشر العشر، بل وقريش شركاؤهم أيضا فيه! وسكت مليا، وهو يتهادى بيننا.
ثم قال: ألا أخبركما بأحسد قريش كلها؟
قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: وعليكما ثيابكما، قلنا: نعم.
قال: وكيف بذلك، وأنتما ملبسان ثيابكما؟ قلنا: يا أمير المؤمنين وما بال الثياب؟ قال: خوف الإذاعة منها، قلنا له: أتخاف الإذاعة من الثياب أنت، وأنت من ملبس الثياب أخوف! وما الثياب أردت! قال: هو ذاك، ثم انطلق وانطلقنا معه، حتى انتهينا إلى رحله، فخلى أيدينا من يده، ثم قال: لا تريما ودخل فقلت للمغيرة: لا أبا لك! لقد أثرنا بكلامنا معه، وما كنا فيه، وما نراه حبسنا إلا ليذاكرنا إياها، قال: فإنا لكذلك إذ خرج آذنه إلينا، فقال: ادخلا، فدخلنا فوجدناه مستلقيا على برذعة برحل، فلما رآنا تمثل بقول كعب بن زهير:
لا تفش سرك إلا عند ذي ثقة * أولى وأفضل ما استودعت أسرارا (1) صدرا رحيبا وقلبا واسعا قمنا * ألا تخاف متى أودعت إظهارا فعلمنا أنه يريد أن نضمن له كتمان حديثه، فقلت: إنا له يا أمير المؤمنين، ألزمنا وخصنا وصلنا، قال: بماذا يا أخا الأشعريين؟ فقلت: بإفشاء سرك وأن تشركنا في همك. فنعم المستشاران نحن لك.
قال: إنكما كذلك فاسألا عما بدا لكما، ثم قام إلى الباب ليغلقه، فإذا الآذن الذي أذن لنا عليه في الحجرة، فقال: امض عنا لا أم لك. فخرج وأغلق الباب خلفه، ثم أقبل علينا فجلس معنا، وقال: سلا تخبرا.
قلنا: نريد أن يخبرنا أمير المؤمنين بأحسد قريش: الذي لم يأمن ثيابنا على ذكره لنا، فقال: سألتما عن معضلة وسأخبركما، فليكن عندكما في ذمة منيعة وحرز