الذي لا تدركه الأبصار " (1)، ومع هذا ورد في بعض الأحاديث: " والله تعالى ليس بغائب " (2)، بل ورد في أحد الأحاديث السبب في كون الله سبحانه غير غائب ما نصه:
" كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم " (3).
وصفوة القول: إن الأحاديث التي وصفت الله بالغيبة تستبين غيبته عن العيون والحواس، في حين أن الأحاديث التي تنفي غيبته سبحانه تنفي غيبته المطلقة، و تثبت حضوره وشهادته، وتقرر صلته بالإنسان.
بعبارة أخرى، غيبته - جل شأنه - لجهة، وشهادته لجهة أخرى، ولا ينبغي أن نجعل إحدى الصفتين مطلقة بشكل لا يبقى فيه مكان للصفة الأخرى، من هنا نلاحظ أن في الأحاديث المعهودة ذكرت صفة " الغائب " أو غيبة الله مثل " الغائب عن الحواس " أو وردت صفة الغائب مع صفة الشاهد والأوصاف المشابهة، مثل:
" الغائب الشاهد " و " غائب غير مفقود ".
إننا نعلم أن ضمير " هو " للمفرد الغائب، واستعمل القرآن والأحاديث هذا الضمير في الله، وذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الضمير من أسماء الله (4)، وعلى هذا الأساس، يعبر ضمير " هو " عن صفة الله بالغيبة، ونقرأ في بعض الأحاديث والأدعية استعمال لفظ " يا هو " في الله (5)، فاجتمع فيه شهادة الله وحضوره مع غيبته.