استقصائها إلى تتبع في مصادر السنة الشريفة.
وأوثق هذه الشروط علاقة بالصلاة شرط الاقبال، ويقصد به الانتباه إلى الصلاة حال أدائها أي التركيز الذهني على أفعالها وتلاواتها، ويعبر عن هذه الحالة بالتوجه والالتفات في مقابل سهو القلب وانشغاله بغير الصلاة، ولكن التعبير بالإقبال بالقلب الذي عبر به المعصومون عليهم السلام يبقى أصح من تعبير التركيز والتوجه والالتفات لأنه يشمل التركيز العقلي والشعوري في آن واحد، فإن (القلب) يستعمل في القرآن الكريم والسنة الشريفة للقوة الجامعة بين العقل والشعور.
والإقبال بالقلب إلى الصلاة أعم من الخشوع الذي ذكره الله عز وجل في قوله (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) لأن الخشوع حالة رقة وانفعال في العقل والشعور قد تنتج عن الاقبال وقد لا تنتج، فيكون الحد الأدنى للقبول هو مجرد الاقبال على الصلاة وإن لم يثمر الخشوع بسبب غلظة المشاعر أو ضعف التركيز، أما المديح في النص القرآني الشريف فهو الانتباه الكامل الذي يثمر حالة الخشوع.
وينبغي الالتفات إلى أن الاقبال المطلوب إسلاميا في الصلاة هو الاقبال على الصلاة وليس على الله عز وجل والفرق بين الأمرين واضح فإن الاقبال على الله يعني الشعور بحالة الحضور والمناجاة التي هي حالة الدعاء، بينما الاقبال على الصلاة يعني الاقبال على هذه العملية بطبيعتها ومحتواها. صحيح أن طبيعة الصلاة نحو من الحضور بين يدي الله عز وجل وأن محتواها يتضمن شيئا من الدعاء والتكلم مع الله عز وجل، ولكن مر معك في تلاوات الصلاة أن الطبيعة الغالبة في الصلاة هي تقرير الحقائق مع النفس بين يدي الله عز وجل، فالإقبال على الصلاة الذي هو شرط القبول لا بد أن يكون إقبالا على هذا العمل كما هو في طبيعته.
أما إذا جعل المصلي صلاته خطابا لله تعالى وأغفل ناحية تقرير الحقائق على نفسه فقد حول الصلاة عن طبيعتها. ولكن ذلك لا يمنع من مزيد التركيز على الحضور والمثول بين يدي الله والشعور به عز وجل مع الحفاظ على