هو من أجل كبرياء الإنسان وجعله في مستوى أن ينفي أو يثبت الوحدانية والرسالة. بل هو الارتفاع الخاشع المسؤول: الخاشع لأنه ارتفاع يتحقق بين يدي الله، وبعد خضوع السجود، وفي حالة الجثو على الركبتين. والمسؤول لأنه ارتفاع مشروط بتكاليفه، تكاليف أن يتلقى أحدنا مفاهيمه وأحكامه التي يتحرك بها عن الله الذي يشهد يوميا بوحدانيته وعن رسوله الذي يشهد يوميا برسالته.
حينما أتفكر أني في كل يوم من حياتي أسجل على نفسي تسع مرات الاقرار بوحدانية الله ورسالة عبده محمد صلى الله عليه وآله تهزني مسؤولية هذا الاقرار، مسؤولية التقصير عنه فيما مضى، ومسؤولية أن أفي بما بقي من عمري بمستلزمات هذا الاقرار، أن أثبت على التلقي عن الله ورسوله في خضم الهوى والناس والشيطان.
إنها مسؤولية تهز الكيان أن يعلن أحدنا إقراره بوحدانية الله المطلقة وبرسالة رسوله صلى الله عليه وآله في آناء أيامه طوال حياته، ومفارقة كبيرة أن يبدو في صلاته على مستوى هذا الاقرار ثم ينخفض في تفكيره أو تصرفه في دركات الاسفاف.
ولاحظ الايقاع الحازم العميق في ألفاظ تلاوة التشهد وعباراتها. إيقاعا يمتد بالفكر في استيعابه، وتتروى النفس من جلاله، وينتفض الضمير لحسمه، وينسجم كل ذلك مع مستوى الشاهد الذي ترفعه إليه هذه الجلسة، ومع جدية المسؤولية التي تستوجبها.
ثم لاحظ البلاغة في الانتقال من الشهادة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة إلى طلب الصلاة عليه، فإن الشهادة للرسول تحضر أمامك تكليف الله عز وجل إياه بهذه المهمة وقيامه بها على أكمل وجه وأثمر جهود، مما يدعوك لطلب التبريك عليه، كما يدعوك ذلك إلى تأكيد صلتك بالرسول صلى الله عليه وآله باعتباره الهادي إلى الله عز وجل والمنقذ للبشرية بأمر