وكذلك تقوم هذه الكلمات الأربع بتركيز المفهوم الإسلامي عن الله عز وجل، المفهوم النقي الذي يرفض التشبيه والتعطيل في آن. تقوم بذلك في يسر وبساطة وبأعمق المشاعر وأروعها:
عن الحسين بن سعيد أنه سأل الإمام محمد الجواد (ع) " يجوز أن يقال لله عز وجل أنه شئ؟ قال (ع)، نعم تخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه " الكافي ج 1 ص 82 وعن هشام بن الحكم قال " سألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن (سبحان الله) فقال: أنفة الله " الكافي ج 1 ص 118.
وعن أمير المؤمنين (ع) وقد سئل عن معنى (سبحان الله) فقال: " كلمة رضيها الله تعالى لنفسه فأوصى بها " تاج العروس مادة سبح.
وتلاحظ أخيرا في تلاوتي الركوع والسجود الشريفتين: اختيار صفة (العظيم) للرب تبارك وتعالى في الركوع وصفة (الأعلى) في السجود:
وتتضح حكمة هذا الاختيار من ملاحظة الفرق بين وضعي الركوع والسجود، فمع أن الركوع خضوع مستقل إلا أنه بمثابة المقدمة والمرحلة لخضوع السجود، ومن هنا ناسب أن تكون صفة الرب عز وجل التي يتلوها المصلي في الركوع بمثابة الإعداد للصفة الأعمق التي يتلوها في تذلل السجود.
وكذلك هو الحال في صفة العظيم وصفة الأعلى. فمع أن الصفتين من أسماء الله الحسنى التي أمر القرآن الكريم بتسبيح الله بها (سبح اسم ربك الأعلى) (فسبح باسم ربك العظيم) إلا أن صفة العظيم بحكم كونها من " أمثلة المبالغة " صفة للذات المقدسة بما هي، وأما صفة الأعلى فهي بحكم كونها من (أفعل التفضيل) صفة للذات المقدسة بما هي، وأما صفة الأعلى فهي بحكم كونها من (أفعل التفضيل) صفة للذات المقدسة بما هي منسوبة إلى الوجود وتقديس الذات بالنسبة إلى كل الوجود أبلغ وأعمق من تقديسها بما هي.
ثم أن طبيعة انحناء الركوع متناسب مع الشعور بعظمة الخالق عز وجل والتعبير عنها. أما طبيعة وضع الجبين على التراب وإلقاء الذات وإفنائها بين يدي الله عز وجل فتتناسب مع الشعور بسموه تبارك وتعالى والتعبير عن هذا السمو بصفة الأعلى. مطلقة شاملة.