وفي التعرف على الناس على أوضاعهم وقضاياهم وأعمالهم مشاركة لهم في آلامهم وأفراحهم ولو بقدر، وفيه فائدة الاعتبار بنتائج تجاربهم ومواقفهم، وفوائد معرفة أنفس الناس وطاقاتها وميولها، ومعرفة أوضاع المجتمع والاتجاهات السائدة والخفية فيه، وقوانين الفعل ورد الفعل في قضاياه وأحداثه.
وواضح ما للترسل في هذا التجمع الذي يفرضه التوضؤ والانتظام إلى جانب من يصادف من المؤمنين والاشتراك معهم في أداء الفريضة وما يرافق ذلك ويتبعه من ألوان العواطف والمصافحة والأحاديث. ما لهذا الترسل من دور في الخروج بالإنسان من العزلة والانطواء إلى الانفتاح الفكري والنفسي على الآخرين.
ومن أهم منافع التجمع للصلاة الشعور بالروح المجموعية وظهور الكيان الموحد.
وقد حرصت الرسالة الإلهية على الكيان الاجتماعي الموحد كما حرصت الرسالات البشرية والأنظمة المعاصرة على الوحدة الوطنية والقومية والمصلحية، ولكن الرسالة الإلهية افترقت عن دعوات الوحدة جميعا في المنطلق الذي أقامته للوحدة وفي الأجواء التي وفرتها لها.
فالمنطلق الصحيح للوحدة الإنسانية في رأي الإسلام سواء في ذلك الوحدة بين اثنين من البشر أو بينهم جميعا هو الرابطة الفكرية الاعتقادية، أما الروابط الوطنية والقومية والمصلحية فهي منطلقات خاطئة في رأي الإسلام.
ولهذا كان طابع الجماعة الإسلامية طابعا فكريا بحتا وكان الشرط الوحيد للإنتماء إلى جماعة المسلمين الإيمان بالحق الذي آمنت به دون اعتبار لعنصر أو إقليم أو مصلحة مادية. قال الله عز وجل (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) 153 الأنعام.
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا. وكنتم على شفا حفرة من