وإنما قلنا إن القسم الثالث باطل، لأنا إذا فرضنا أن ما به المخالفة هو الذات وما به المشاركة وهو التحيز هو الصفة، فنقول: إن الذي به المخالفة إما أن يكون مختصا بالحيز والجهة وإما أن لا يكون، فإن كان الأول فهو جسم متحيز فيلزم أن يكون جزء ماهية الجسم جسما وهو محال. وإن كان الثاني امتنع حصول المتحيز فيه، لأن ذلك الشيء لا حصول له في شئ من الأحياز، والمتحيز واجب الحصول في الحيز، وحصول ما يكون واجب الحصول في الحيز، في شئ يكون ممتنع الحصول في الحيز، ذلك من محالات العقول، فيثبت بما ذكرنا فساد الأقسام الثلاثة، فلم يبق إلا الرابع وهو أن يكون ما به المشاركة وهو المتحيز ذاتا وما به المخالفة صفة، فإذا كان المفهوم من المتحيز مفهوما واحدا فحينئذ تكون المتحيزات متماثلة في تمام الماهية والذات، فيثبت بما ذكرنا أنه لو كان متحيزا لكان مثلا لسائر المتحيزات في تمام الماهية والذات. وإنما قلنا إن ذلك محال لوجوه: الأول: أن المتماثلات في تمام الماهية يجب استواؤها في اللوازم والتوابع، فإما أن تكون جميع الأجسام غنية عن الفاعل، وإما أن تكون جميعها محتاجة إلى الفاعل (والأول باطل لأنا دللنا على أن العالم محدث محتاج إلى الفاعل) فيتعين الثاني.
فيثبت أن كل متحيز فهو محتاج إلى الفاعل، فخالق الكل يمتنع أن يكون متحيزا.
الثاني: أن اختصاص ذلك الجسم بالعلم والقدرة والإلهية إما أن يكون من الواجبات أو من الجائزات، والأول باطل وإلا لزم أن تكون كل الأجسام موصوفة بتلك الصفات على سبيل الوجوب لما أنه ثبت أن الأفراد الداخلة تحت النوع يجب كونها متساوية في جميع اللوازم، والثاني باطل، وإلا لزم أن