وذكر أبو معشر المنجم أن سبب إقدام الناس على عبادة الأوثان أن الناس في الدهر الأقدم كانوا على مذهب المجسمة وكانوا يعتقدون أن إله العالم نور عظيم وأن الملائكة أنوار إلا أنهم أصغر جثة من النور الأول، ولما اعتقدوا ذلك اتخذوا وثنا وهو أكبر الأوثان على صورة الإله، وأوثانا أخرى أصغر من ذلك الوثن على صور مختلفة وهي صور الملائكة، واشتغلوا بعبادتها على اعتقاد أنهم يعبدون الإله والملائكة، فثبت أن دين عبدة الأصنام كالفرع على قول المشبهة.
والموضع الثاني: من مواضع الاختلافات أن المجسمة اختلفوا في أنه هل يصح عليه الذهاب والمجيء والحركة والسكون، فأباه بعض الكرامية وأثبته قوم منهم، وجمهور الحنابلة يثبتونه.
والموضع الثالث: القائلون بأنه نور ينكرون الأعضاء والجوارح مثل الرأس واليد والرجل. وأكثر الحنابلة يثبتون هذه الأعضاء والجوارح.
الموضع الرابع: اتفق القائلون بالجسمية والحيز على أنه في جهة فوق، ثم إن هذا المذهب يحتمل وجوها ثلاثة (لأنه تعالى) إما أن يكون ملاقيا للعرش أو مباينا للعرش ببعد متناه أو مباينا عنه ببعد غير متناه، وقد ذهب إلى كل واحد من هذه الأقسام ذاهب.
الموضع الخامس: أن القائلين بالجسمية والحيز اتفقوا على أنه متناه من جهة التحت فأما في سائر الجهات الخمس فقد اختلفوا، فمنهم من قال إنه متناه من كل الجهات، ومنهم من قال إنه متناه من جهة التحت وغير متناه من سائر الجهات، ومنهم من قال أنه (غير) متناه من جهة الفوق (وغير) متناه من سائر الجهات.