الموضع السادس: أنه تعالى حاصل في ذلك الحيز المعين لذاته أو لأجل معنى قائم به يقتضي حصوله في الجهة المعينة، وهو مثل اختلافهم في أنه تعالى عالم لذاته أو عالم بالعلم، وهذا هو التنبيه على مواضع الخلاف والوفاق.
الموضع السابع: أن العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام حالة في جميع أجزاء ذلك الجسم بالسوية، أو يكون لكل واحد من هذه الصفات جزء معين من ذلك الجسم يكون ذلك الحيز محلا لتلك الصفة بعينها، ذهب إلى كل واحد من هذين القولين ذاهب. والذي يدل على أنه تعالى منزه عن الجسمية والحجمية وجوه:
الحجة الأولى: لا شئ من واجب الوجود لذاته بممكن الوجود لذاته، وكل متحيز فإنه ممكن الوجود لذاته، ينتج فلا شئ من واجب الوجود لذاته بمتحيز (أما الصغرى فبديهية، وأما الكبرى فلأن كل متحيز مركب وكل مركب ممكن لذاته، ينتج أن كل متحيز ممكن لذاته).
وإنما قلنا إن كل متحيز مركب لوجوه الأول: أن كل متحيز فإن يمينه مغاير ليساره، وكل ما كان كذلك فهو مركب، ينتج أن كل متحيز مركب. وتمام القول فيه مقرر بالدلائل المذكورة في نفي الجوهر الفرد.
والثاني: قالت الفلاسفة: كل جسم فهو مركب من الهيولى والصورة.
الثالث: (كل متحيز) فإنه يشارك سائر المتحيزات في كونه متحيزا ويخالفها بتعينه، وما به المشاركة غير ما به المخالفة، فوجب أن يكون كل فرد من أفراد المتحيزات مركبا من عموم التحيز الذي به المشاركة ومن ذلك التعين الذي به المخالفة، فيثبت بهذه الوجوه الثلاثة: أن كل متحيز مركب. أما بيان أن كل مركب فهو ممكن، فلأن كل مركب فإنه مفتقر إلى حيزه