واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة، والأول باطل لأن قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة غير معقول، والثاني محال لأن كون العلم قابلا للقسمة محال، على ما بيناه في مسألة إثبات النفس، والثالث أيضا محال لأنه يلزم كون كل واحد من تلك الأجزاء موصوفا بجملة الصفات المعتبرة في الإلهية، وذلك يوجب تعدد الآلهة، وذلك محال.
فإن قيل: ما ذكرتموه من الدليل قائم في الإنسان فإن مجموع بدنه لا شك أنه مركب من الأجزاء الكثيرة فيلزم أن يقوم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة، فيلزم أن يكون الإنسان الواحد علماء قادرين كثيرين، وذلك باطل.
قلنا: أما الفلاسفة فقد طردوا قولهم في الكل وزعموا أن الموصوف بالعلم والقدرة هو النفس لا الجسم وإلا لزم هذا المحال. وأما الأشعري فإنه التزم كون كل واحد من أجزاء الإنسان عالما قادرا حيا وذلك في غاية البعد، إلا أن التزامه وإن كان بعيدا لكن لا يلزم منه محال، أما التزام ذلك في حق الله تعالى فهو محال، لأنه يوجب القول بتعدد الآلهة، وهو محال.
الحجة السابعة: لو كان جسما لكان إما أن تكون الحركة جائزة عليه وإما أن لا تكون، والقسمان باطلان فالقول بكونه متحيزا باطل.
بيان أن الحركة ممتنعة عليه: أنه لو جاز في الجسم الذي تصح الحركة عليه أن يكون إلها فلم لا يجوز أن يكون إله العالم هو الشمس والقمر لأن الأفلاك والكواكب ليس فيها عيب يمنع من كونها آلهة إلا أمورا ثلاثة: وهي كونها مركبة من الأجزاء، وكونها محدودة متناهية، وكونها قابلة للحركة والسكون. وإذا لم تكن هذه الأشياء مانعة من الإلهية فكيف يمكن الطعن في إلهية الشمس