الحجة الخامسة: لو كان جسما لجاز عليه التفرق والتمزق وهذا محال فذاك محال. بيان الملازمة: أنه إذا كان مركبا من الأجزاء وجب انتهاء تحليل تلك الأجزاء إلى أجزاء يكون كل واحد منها في نفسه بسيطا مبرأ عن التركيب والتأليف، وإذا كان (كذلك كان) طبع يمينه مساويا لطبع يساره وإلا لصار مركبا.
وإذا ثبت مساواة الجانبين في الطبيعة والماهية فكل ما كان ممسوسا بجانب يمينه وجب أن يصح كونه ممسوسا بجانب يساره ضرورة أن كل ما صح على شئ فإنه يصح أيضا على مثله، وإذا كان كذلك فكما صح على ذلك الجزء أن يماس الجزء الثاني بأحد وجهيه وجب أن يصح عليه أن يماسه بالوجه الثاني، وإذا ثبت جواز ذلك ثبت جواز صحة التفرق والتمزق عليه.
وإنما قلنا: إن ذلك محال لأنه لما صح الاجتماع والافتراق على تلك الأجزاء لم يترجح الاجتماع على الافتراق إلا بسبب منفصل، فيلزم افتقاره في وجوده إلى السبب المنفصل. وواجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون كذلك، فيثبت أن واجب الوجود لذاته ليس جسما.
الحجة السادسة: لو كان متحيزا لكان جسما لأنه لم يقل أحد من العقلاء بأنه في حجم الجوهر الفرد، وإذا كان جسما كان مركبا من الأجزاء فإما أن يكون الموصوف بالعلم والقدرة والصفات المعتبرة في الإلهية جزء واحدا من تلك الأجزاء وإما أن يكون الموصوف بتلك الصفات مجموع تلك الأجزاء. فإن كان الأول كان الإله هو ذلك الجزء الواحد منفردا فيعود الأمر إلى ما ذكرناه من أن الإله يكون في حجم الجوهر الفرد.
وإن كان الثاني فنقول: إما أن تقوم الصفة الواحدة بجميع تلك الأجزاء، وإما أن تتوزع أجزاء تلك الصفة على تلك الأجزاء، وإما أن يقوم بكل