إعلم أن معنى قول أهل العلم إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه، أي أن الله سبحانه لا يوصف بأنه متصل بالعالم وكذلك لا يوصف بأنه منفصل عنه، وذلك لأن الاتصال والانفصال من أوصاف الأجسام، فالجسم إما أن يكون متصلا بالآخر أو منفصلا متنائيا عنه، والله تعالى (ليس كمثله شئ) كما وصف نفسه.
وإن المنطقة التي يتخيلها المجسمة والمشبهة فوق العرش والتي يتصورون أن المولى سبحانه وتعالى حال فيها هي مكان بلا شك ولا ريب، ولولا أنها مكان لما أمكن تخيلها ولما صح وصفه بأنه فيها وأنه في جهة ما فوق العرش، ولما صحت أيضا إشارتهم إليه، فهم بناء على ذلك يتخيلون أن الله تعالى ذات من الذوات الجسمانية فيقيسونه سبحانه على الأجسام التي وصفناها قريبا، وأنه خلق العالم والعرش تحته فصار هو فوقه!
فهم إذا يتصورون ويتخيلون بأن الله تعالى قبل خلق هذا العالم وإيجاده من العدم كان له تحت، وإذا كان له تحت فله فوق وأمام وخلف ويمين ويسار!
فالعقدة الموجودة في عقول هؤلاء المجسمة والمشبهة هي أنهم لم يسلموا للشرع، فلم يقولوا بأن الله تعالى لا يمكن إدراكه وتصوره وأنه خارج عن كل ما يجول في الأوهام ويحوم في الخواطر والنفوس، ولو أنهم سلموا بوجوده سبحانه مع إقرارهم بأنه لا يمكن تصوره لنجوا، وكانوا على عقيدة الإسلام الحقة عقيدة التنزيه!).
(وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 334:
(لقد صرح علماء الإسلام من فحول أهل الحديث وحذاق الأئمة الذين يعول على كلامهم ويعتد بهم في الإجماع والخلاف، بتنزيه الله تعالى عن أن