والدلالة على وجه التناقض أو التضاد والتنافي إما يكون بالذات وإما بالعرض فلو قال المولى يحرم شرب التتن وقال في دليل آخر يجوز شربه يكون التنافي بالذات إذ التضاد محال كالتناقض، وأما لو قال في دليل تجب صلاة الظهر وفي دليل آخر تجب صلاة الجمعة يكون التنافي بالعرض إذ لا تنافي بين الدليلين ذاتا فإنه لا مانع من وجوب كلتا الصلاتين لكن حيث نعلم من الخارج عدم وجوبهما لأجل الضرورة إن اليوم الواحد فيه صلاة واحدة فنعلم بكذب أحدهما ومخالفته للواقع فيقع التعارض بينهما " (1).
إذا عرفت ذلك وهذه الكلية في الأصول ففيما نحن فيه لا تنطبق هذه الكبرى على هذه الصغرى أما التضاد بالذات لا يوجد في البين قطعا وأما بالعرض فكذلك إذ ليس من المحال عدم وقوع كلا الفعلين في الخارج.
وبعبارة أخرى ليس عندنا علم بكذب أحدهما لمخالفته للواقع فلاحظ والله العالم بحقائق الأمور.