أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأديت الزكاة على عهده وقاتلت أهل الردة من بعده أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن وأتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين فأتيناك لننصرك بالحق، فنحن بين يديك فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول:
فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فسننصر ستكفيك دون الناس طرا بنصرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الإسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين.
وقام سعيد بن عبيد البختري من بني بختر فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم، وإني والله ما كل ما في نفسي أقدر أن أوديه إليك بلساني ولكني والله لأجهدن على أن أبين لك والله ولي التوفيق، أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية ومقاتل معك الأعداء في كل موطن وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك ولا لأحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الإسلام وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يرحمك الله فقد أدى لسانك ما يجد ضميرك لنا ونسئل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة، وتكلم نفر منهم، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين.
ثم ارتحل أمير المؤمنين واتبعه منهم ستمأة رجل حتى نزل " ذا قار " فنزلها في ألف وثلاثمأة رجل (1).