فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - واغرورقت عيناه بالدموع -: يا فاطمة أوما علمت إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإنه حتم الفناء على جميع خلقه وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني منهم فجعلني نبيا، ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار بعلك وأمرني أن أزوجك إياه، وأن اتخذه أخا ووزيرا ووصيا وأن اجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله ورسله وبعلك خير الأوصياء والوزراء وأنت أول من يلحقني من أهلي.
ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثالثة فاختارك واحد عشر رجلا من ولدك وولد أخي بعلك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك [الحسن والحسين] سيدا شباب أهل الجنة وأنا وأخي والأحد عشر إماما أوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هادون مهديون.
أول الأوصياء بعد أخي، الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد الحسين في منزل واحد في الجنة وليس منزل أقرب إلى الله من منزلي ثم منزل إبراهيم وآل إبراهيم.
أما تعلمين - يا بنية - إن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي وخير أهل بيتي، أقدمهم سلما، وأعظمهم حلما وأكثرهم علما وأكرمهم نفسا وأصدقهم لسانا وأشجعهم قلبا وأجودهم كفا وأزهدهم في الدنيا وأشدهم اجتهادا.
فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) بما قال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرحت، ثم قال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لعلي بن أبي طالب ثمانية أضراس ثواقب نوافذ ومناقب ليست لأحد من الناس: إيمانه بالله وبرسوله قبل كل أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله وسنتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير بعلك، لأن الله علمني علما لا يعلمه غيري وغيره، وعلم ملائكته ورسله علما فأنا أعلمه وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت ذلك، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وفقهي كله غيره، إنك - يا بنية - زوجته وإن ابني سبطاي الحسن والحسين وهما سبطا أمتي.