نروي فيه بابا». (1) وقال ابن الجوزي في «الحث على حفظ العلم»: «إن أقواما أذهبوا أعمارهم في حفظ طرق الحديث، ولعمري إن ذلك حسن إلا أن تقديم غير ذلك أهم، فنرى أكثر هؤلاء المذكورين لا يعرفون الفقه الذي هو ألزم من ذلك، ومتى أمعن طالب الحديث في السماع والكتابة ذهب زمان الحفظ، وإذا علت السن لم يقدر على الحفظ المهم، وإذا أردت أن تعرف شرف الفقه فانظر إلى مرتبة الأصمعي في اللغة وسيبويه في النحو، وابن معين في معرفة الرجال، كم بين ذلك ومرتبة أحمد والشافعي في الفقه. ثم لو حضر شيخ مسن له إسناد لا يعرف شيئا من الفقه بين يديه شاب متفقه، فجاءت مسألة سكت الشيخ وتكلم الشاب، وهذا يكفي في فضل الفقه. ولقد تشاغل خلق كثير من أصحاب الحديث بعلوم الحديث وأعرضوا عن الفقه، فلما سئلوا عن مسألة في الأحكام افتضحوا».
ثم روى بإسناده إلى «يحيى بن صاعد»:» أنه جاءته امرأة، فقالت: أيها الشيخ! ما تقول: في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هل الماء طاهر أم نجس؟ فقال يحيى:
ويحك كيف سقطت الدجاجة في البئر؟ قالت: لم تكن مغطاة، فقال: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شئ!
قال الأبهري: قلت: يا هذه! إن كان الماء تغير، وإلا فهو طاهر». (2)