الإمام البخاري وفقه أهل العراق - الشيخ حسين غيب غلامي الهرساوي - الصفحة ٧٧
نروي فيه بابا». (1) وقال ابن الجوزي في «الحث على حفظ العلم»: «إن أقواما أذهبوا أعمارهم في حفظ طرق الحديث، ولعمري إن ذلك حسن إلا أن تقديم غير ذلك أهم، فنرى أكثر هؤلاء المذكورين لا يعرفون الفقه الذي هو ألزم من ذلك، ومتى أمعن طالب الحديث في السماع والكتابة ذهب زمان الحفظ، وإذا علت السن لم يقدر على الحفظ المهم، وإذا أردت أن تعرف شرف الفقه فانظر إلى مرتبة الأصمعي في اللغة وسيبويه في النحو، وابن معين في معرفة الرجال، كم بين ذلك ومرتبة أحمد والشافعي في الفقه. ثم لو حضر شيخ مسن له إسناد لا يعرف شيئا من الفقه بين يديه شاب متفقه، فجاءت مسألة سكت الشيخ وتكلم الشاب، وهذا يكفي في فضل الفقه. ولقد تشاغل خلق كثير من أصحاب الحديث بعلوم الحديث وأعرضوا عن الفقه، فلما سئلوا عن مسألة في الأحكام افتضحوا».
ثم روى بإسناده إلى «يحيى بن صاعد»:» أنه جاءته امرأة، فقالت: أيها الشيخ! ما تقول: في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هل الماء طاهر أم نجس؟ فقال يحيى:
ويحك كيف سقطت الدجاجة في البئر؟ قالت: لم تكن مغطاة، فقال: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شئ!
قال الأبهري: قلت: يا هذه! إن كان الماء تغير، وإلا فهو طاهر». (2)

١ - نفس المصدر السابق: ٤١. وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي، هو الذي ينصح أهل الحديث بالتفقه، وهو من أشد الناس على أصحاب الرأي، وهم أبو حنيفة وأتباعه. طبقات ابن سعد ٦: ٢٧٥، تاريخ بغداد ١٣: ٤٦٦، تذكرة الحفاظ ١: ٣٠٦، حلية الأولياء ٨: ٣٦٨. ومن أخباره في أبي حنيفة: قال الترمذي في جامعه «كتاب الحج»: وسمعت أبا السائب يقول: كنا عند وكيع فقال لرجل عنده ممن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله،، ويقول أبو حنيفة: هو مثلة! قال الرجل: فإنه قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مثلة! قال: فرأيت وكيعا غضب غضبا شديدا، وقال: أقول لك: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتقول: قال إبراهيم! ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا. كتاب الحج - باب ما جاء في إشعار البدن ٣: ٢٥٠.
٢ - الحث على حفظ العلم لابن الجوزي: ٢٣ - ٢٤، هامش نصيحة أهل الحديث: ٣٩.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست