«لأقتلن محمدا بسيفي هذا! (1) هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش، وعاب دينها، وسفه أحلامها، وشتت مجالسها وضيع بهارجها...»!
واليوم أيضا ختله اندفاعه، وبقية بنفسه لا تزال راسبة من حسد الجدود وبغضاء الأجيال... هوى كهوى يمضي به، ويحيد بخطو الثابت، فيغدو ويروح على لهيب المشاعل، يوسوس لنفسه، ويهتف بالعصبة التي تؤازره على هجم الدار:
«والذي نفس عمر بيده، ليخرجن أو لأحرقنها على من فيها..»!
قالت له طائفة خافت الله، ورعت الرسول في عقبه:
«يا أبا حفص! إن فيها فاطمة...»؟!
فصاح لا يبالي:
«وإن...»!
واقترب وقرع الباب، ثم ضربه واقتحمه...
وبدا له علي...
ورن حينذاك صوت الزهراء عند مدخل الدار...
فإن هي إلا رنة استغاثة أطلقتها «يا أبت يا رسول الله...»! تستعدي بها الراقد بقربها في رضوان ربه على عسف صاحبه، حتى تبدل العاتي المدل غير إهابه، فتبدد على الأثر جبروته، وذاب عنفه وعنفوانه، وود من خزي لو يخر صعقا تبتلعه مواطئ قدميه ارتداد هدبه إليه...
وعندما نكص الجمع، وراح يفر كنوافر الظباء المفزوعة أمام صيحة الزهراء، كان علي يقلب عينيه من حسرة وقد غاض حلمه، وثقل همه، وتقبضت أصابع يمينه