والبخاري ذكر في صحيحه ترجمة مختصرة أوضح رأيه فيها، فقال: «باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر وما يجهر فيها وما يخافت». (1) وأما في الجزء الذي ألفه في هذه المسألة فقد ناقش أدلة أهل الرأي وبين تناقضاتهم، وضعف الحديث الذي يحتجون به، وهو: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»، ثم ناقشهم فيه مناقشة عقلية، ينعى عليهم فيها أنهم أهل قياس ولا يحسنونه، لأن القياس الصحيح كان يؤدي بهم إلى خلاف ما قالوا!
قال البخاري في ذلك: «اتفق أهل العلم وأنتم: أنه لا يحتمل الإمام فرضا عن القوم، ثم قلتم: القراءة فريضة أو يحتمل الإمام هذا الفرض عن القوم فيما جهر الإمام أولم يجهر، ولا يحتمل الإمام شيئا من السنن، نحو الثناء والتسبيح، والتحميد، فجعلتم الفرض أهون من التطوع؟ والقياس عندك: ألا يقاس الفرض بالتطوع، وإلا يجعل الفرض أهون من التطوع، أو أن يقاس الفرض أو الفرع بالفرض إذا كان من نحوه، فلو قست القراءة بالركوع والسجود والتشهد إذا كانت هذه كلها فرضا، ثم اختلفوا في فرض منها، كان أولى عند من يرى القياس أن يقيسوا الفرض أو الفرع بالفرض». (2) ومن فتاواهم: أن الشيخ أبا حفص الكبير - الذي هو من علماء الأحناف كان في عهده رجل ترك مذهبه، وعمل بالحديث، وقرأ خلف الإمام، ورفع يديه عند الركوع ونحو ذلك، فأخبر الشيخ المذكور بذلك، فغضب الشيخ، وعنف، وأمر السلطان، حتى أمر الحداد بأن يضربه عند الصيارفة!! «فتاوى حماوية» و «تاتار خانية» و «إرشاد» ص 186 (3)