كان يريد أن يكون تحت يده، ويكون حاكما فيه يعطيه من يشاء، ويمنعه من يشاء ويؤيده: قول أبي بكر فيما رواه في جامع الأصول من سنن أبي داود، عن أبي الطفيل، قال: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر تطلب ميراثها من أبيها، فقال لها: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله إذا أطعم نبيا طعمة فهو للذي يقوم من بعده، ولا ريب في أن ذلك مما يتعلق به الأغراض، ويعد من جلب المنافع، ولذا لا تقبل شهادة الوكيل فيما هو وكيل فيه والوصي فيما هو وصي فيه، وقد ذهب قوم إلى عدم جواز الحكم بالعلم مطلقا لأنه مظنة التهمة، فكيف إذا قامت القرائن عليه من عداوة ومنازعة، وإضعاف جانب ونحو ذلك، والعجب أن بعضهم في باب النحلة منعوا بعد تسليم عصمة فاطمة (عليها السلام) جواز الحكم بمجرد الدعوى وعلم الحاكم بصدقها، وجوزوا الحكم بأن التركة صدقة، للعلم بالخبر مع معارضته للقرآن وقيام الدليل على كذبه.
الثاني: أن الخبر معارض للقرآن لدلالة الآية في شأن زكريا وداود (عليهما السلام) على الوراثة وليست الآية عامة حتى تخصص بالخبر فيجب طرح الخبر، لا يقال: إذا كانت الآية خاصة فينبغي تخصيص الخبر بها، وحمله على غير زكريا وداود (عليهما السلام) لأنا نقول:
الحكم بخروجهما عن حكم الأنبياء مخالف لإجماع الأمة، لانحصارها بالإيراث مطلقا، وعدمه مطلقا، فلا محيص عن الحكم بكذب الخبر، وطرحه.
الثالث: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يرى الخبر موضوعا باطلا، وكان (عليه السلام) لا يرى إلا الحق والصدق، فلا بد من القول بأن من زعم أنه سمع الخبر كاذب ؤ أما الأولى: فلما رواه مسلم، في " صحيحة " وأورده في " جامع الأصول " أيضا عن مالك بن أوس - في رواية طويلة - قال: عمر لعلي (عليه السلام) والعباس، قال أبو بكر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نورث، ما تركناه صدقة، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي أبو بكر، فقلت: أنا ولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذبا غادرا آثما خائنا، ولله يعلم أني لصادق بار تابع للحق فوليتها.
وعن البخاري: في منازعة علي والعباس فيما أفاء الله على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني