شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٠ - الصفحة ٢١٧
فمنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في " فهارس أحاديث وآثار مسند الإمام أحمد بن حنبل " (ج 2 ص 745 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال (1):
1) قال الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس في كتاب " في ظلال السيرة النبوية " (ج 2 ص 52 ط دار الفرقان - عمان الأردن) قال بعد ذكر الوجه التاسع في فوائد إحداث حصار بني قريظة:
عاشرا: في اختياررسول الله صلى الله عليه وسلمعلي بن أبي طالب ليحمل الراية في هذه الغزوة أكثر من دلالة:
أ - إن اختيار الرسول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكون حامل راية الرسول، راية الجيش يعني تزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي، وشهادة له من الرسول، هي بحق مفخرة لعلي رضي الله عنه، تجعله يشعر بالسعادة الغامرة، كما هي شهادة له من الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه خليق بالإمارة، كفء لقيادة الجيوش، جدير بها، فلا غرو ولا عجب إذا أن يختار المسلمون علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خليفة لهم، يحافظ على الدين، ويقمع المبتدعين المغالين، ويقود الجيوش بنفسه، ويدير شؤون الدولة كذلك.
ب - إن حمل الراية أشق مهمة في الجيش المهاجم، لأن أسهم لأعداء تتوجه إلى حامل الراية، ونبال الرماة تقصده أولا، لأن سقوط حامل الراية بداية النكاية في العدو. وقبول هذه المهمة يدل على شجاعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقوة عزيمته، وأنه لا يهاب الموت، بل جاء يقصد الشهادة أو النصر، وفي كل خير.
ج - وفي تكليف النبي صلى الله عليه وسلملعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو ابن عمه وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها درس آخر، على القادة أن يفهموه، وأن يطبقوه، حتى تحبهم شعوبهم.
هذا الدرس ليس للقائد أن يضن بنفسه أو بأقربائه عن مواطن الخطر، بل عليه أن يتقدم هو ويقدم أقرباءه إلى أخطر المهمات في أحلك الظروف، عليه أن يكون قدوة للناس بنفسه، عليه أن يكون قدوة للناس بأقاربه، فقبل أن يعرضهم ويعرض أقاربهم للفناء ينبغي أن يتعرض هو وأقاربه أولا، حينئذ فقط يسير الناس وراءه، ويفدونه بأرواحهم وأموالهم، ويستهينون بكل ما يبذلونه.
إن الناس حين يرون قادتهم ينهزمون فلا لوم عليهم ولا عتب إذا فروا من وجه عود، وإن الناس إذا رأوا أمراءهم قد انهاروا من أول صدمة وفي أول الطريق، فلا عليهم إذا لم يكملوا المشوار، إن الجنود إذا رأوا ضباطهم يعيشون في القصور الشاهقة والسيارات الفارهة، والرياش الفاخرة، وهم محرومون من أسباب الحياة الحرة الكريمة، وإذا ما حزب الأمر، وادلهمت الخطوب، وخشي الضابط أن يفارق قصره وزوجه وسيارته وأن يغبر زيه العسكري، فلا لوم على الجنود المسحوقين إن هم ولوا هاربين.