المحشو الثخين وما يبالي الحر، ويخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد، فهل سمعت في ذلك شيئا؟ فقلت: لا، ما سمعت فيه بشئ. فقالوا:
سل لنا أباك عن ذلك، فإنه يسمر معه، فأتيته فسألته وأخبرته ما قال الناس. فقال: ما سمعت في ذلك شيئا. قلت: فإنهم قد أمروني أن أسألك. فدخل على علي فسمر معه، ثم قال: يا أمير المؤمنين إن الناس قد تفقدوا منك شيئا وسألوني عنه فلم أدر ما هو؟ فقال علي: وما ذلك؟ فقال: يزعمون أنك تخرج عليهم في الحر الشديد عليك القباء المحشو الثخين لا تبالي بالحر، وتخرج عليهم في البرد الشديد عليك الثوبان الخفيفان لا تبالي البرد! فقال: أو ما شهدت معنا خيبر؟ فقلت: بلى. قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا أبا بكر فعقد له، وبعثه إلى القوم فانطلق ثم جاء بالناس وقد هزموا؟ فقال: بلى. قال: ثم بعث إلى عمر فعقد له، ثم بعثه إلى القوم فانطلق ولقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: لأعطين الراية اليوم رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، يفتح عليه غير فرار، فدعاني فأعطاني الراية ثم قال: انطلق، فقلت: يا رسول الله إني أرمد والله ما أبصر. فتفل في عيني ثم قال: اللهم اكفه الحر والبرد، فما وجدت بعد يومي ذاك بردا ولا حرا.
ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ أبو إسحاق الحويني الأثري حجازي بن محمد بن شريف في " تهذيب خصائص الإمام علي " للحافظ النسائي (ص 27 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال:
أخبرنا أحمد بن سليمان الرهاوي، حدثنا عبد الله، أخبرنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال لعلي - وكان يسير معه -: إن الناس قد أنكروا منك شيئا تخرج في البرد في الملاءتين وتخرج في الحر في الخشن والثوب الغليظ! فقال: لم تكن معنا بخيبر؟ قال: بلى. قال: بعث رسول الله صلى الله