لم تفعل ما أمرك به ربك تغير عليك ربك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرت به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصون، فيهم أعمامه:
أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. وفيهم عشرون يأكل كل واحد منهم الجذعة ويشرب الفرق. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم حذية من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: كلوا باسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشئ من حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ادنوا. فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا باللبن فجرع منه جرعا ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا جميعا وكان لم ينقص منه شئ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، وتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فأعد لنا الطعام والشراب مثل ما صنعت لنا بالأمس. ثم اجمعهم لي.
ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعا بالطعام فقربته إليهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما بهم لشئ من حاجة، ثم قال: اسقهم. فجئت بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا. ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعرف شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم