كمن كان فاسقا: خارجا عن الإيمان مقصرا بواجبات الله مرتكبا ما نهى الله عنه.
لا يستوون: لا يكونون عند الله بمنزلة ودرجة واحدة، والمراد جنس المؤمنين وجنس الفاسقين، ولم يرد مؤمنا وحدا ولا فاسقا واحدا، ومعنى الآية مثل قوله تعالى في سورة الجاثية رقم 20 (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء..) الخ، وأيضا قوله تعالى في سورة ن رقم 35: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين) وينبغي أن تعلم أن الفعل يستوي من الأفعال التي لا يكتفى فيها بواحد، فلو قلت: استوى زيد لم يصح، فمن ثم لزم العطف على الفاعل أو تعدده، كما في الآية الكريمة.
هذا، وقد نزلت الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بينهما تنازع وكلام في شئ، فقال الوليد لعلي: اسكت فإنك صبي وأنا شيخ، والله إني أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة، فقال له علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله هذه الآية.
هذا، ولا غرابة في إطلاق الفسق على الوليد، فقد صرحت الآية الحجرات رقم 6: بفسقه، وذلك لما تعرفه هناك من نقله عن بني المصطلق ما لم يكن، ويحتمل أن تطلق الشريعة ذلك عليه، لأنه كان على طرف من الإيمان، وهو الذي شرب الخمر في زمن عثمان رضي الله عنه، وصلى الصبح بالناس ثم التفت وقال:
أتريدون أن أزيدكم؟ ونحو هذا مما يطول ذكره.