شاة واجعل لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته لهم فجئت به، فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم جرة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: كلوا بسم الله. فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما نرى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم. ثم قال: اسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم يشرب مثله.
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال:
لقد سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان الغد فقال: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا مثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم أجمعهم لي. ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل به كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا. ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا؟ فقلت وأنا أحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا:
أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي فقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطع لعلي. (ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، هق معا في الدلائل).
ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة 597 في " المنتظم في تاريخ الملوك والأمم " (ج 2 ص 366 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: