وفيما هو كذلك إذ أقبل على الحجر علي زين العابدين، وكان يطوف بالبيت وحين وصل إليه أفسح الناس له الطريق حتى استلم الحجر.
وهنا سأل رجل ممن كانوا مع هشام بن عبد الملك:
من هذا الذي ترمقه أعين الناس بالاجلال، حتى أفسحوا له المكان؟ فأنكر هشام معرفته.
وكان الفرزدق الشاعر يسمع قولة هشام، فقال: أنا أعرفه.
وسأل الرجل الشامي الشاعر الفرزدق: من هو يا أبا فراس؟ وهنا يقول الفرزدق قصيدته المشهورة، الموجودة بكاملها على باب ضريح سيدي زين العابدين، والتي مطلعها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ويضيف الفرزدق قائلا:
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا إلى أن يختم قصيدته، فيقول أبو فراس:
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هموا فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب، وسجن الفرزدق. وحين بلغ الأمر إلى علي زين العابدين بعث إلى الفرزدق بأربعة آلاف درهم. لكن الفرزدق ردها قائلا:
إنما مدحتك بما أنت أهل له.
فردها إليه زين العابدين ثانية قائلا:
خذها وتعاون بها على دهرك، فإننا آل البيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده.
عند ذلك قبل الفرزدق الدراهم.
ويقول صاحب " الكواكب الدرية " عن مشهد علي زين العابدين: إن الدعاء عنده