أباه. ثم تلكم الوليد وعتبة والمغيرة كل بدوره والحسن يسمع شتمهم وتهديدهم إياه بالقتل وهو رابط الجأش مستجمع لحواسه. فلما أفرغوا ما في جعبتهم، دافع عن أبيه فأجمع مناقبه، وذكر ما كان من إسلامه وحسن بلائه في سبيل نشر الدين وما كان من عداء أبي سفيان ومعاوية للاسلام. وكان الحسن عالما بالتاريخ والوقائع، عارفا بسير الرجال، حافظا للأشعار. ثم خاطب عمرو بن العاص وذكر نسبه ومسيره إلى الحبشة للايقاع بجعفر والمسلمين المهاجرين ومحاربته لرسول الله. وقال للوليد إنه جلد في الخمر وإن عليا هو الذي جلده وكان ذلك في خلافة عثمان الخ.
قال ذلك كله بصراحة متناهية وجرأة عجيبة، وقد استحقوا ما سمعوا منه فإن الشر لا يدفعه إلا الشر. فغضب معاوية عليهم وأمرهم بالخروج وقد كان وكانوا في غنى عن ذلك كله. وشهد معاوية للحسن بأنه ممن لا تطاق عارضته. ولا غرو في ذلك فإن جده رسول الله وأمه فاطمة الزهراء وأباه علي الذي بهر الأعداء بشجاعته وفاق الفصحاء بفصاحته وبز الحكماء بحكمه.