الله وأثنى عليه ثم قال فيما أجمع أهل الأخبار على نقله واتفق أولوا العلم على صدوره: أيها الناس، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة وإن ابنه بعده لخليق بها.. وحضهم على المبادرة إلى السير فجعلوا يودعونه ويخرجون إلى العسكر بالجرف وهو يحضهم على التعجيل، ثم ثقل (بأبي هو وأمي) في مرضه فجعل يقول جهزوا جيش أسامة أنفذوا جيش أسامة أرسلوا بعث أسامة - يكرر ذلك وهم متثاقلون، فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول دخل أسامة من معسكره على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمره بالسير قائلا له أغد على بركة الله تعالى، فودعه وخرج إلى العسكر ثم رجع ومعه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إليه بأبي هو وأمي وهو يجود بنفسه فتوفي، (روحي وأرواح العالمين له الفداء) في ذلك اليوم (8) فرجع الجيش باللواء إلى المدينة الطيبة، ثم عزموا على إلغاء البعث بالمرة، وكلموا أبا بكر في ذلك وأصروا عليه غاية الاصرار، مع ما رأوه بعيونهم من اهتمام النبي صلى الله عليه وآله في إنفاذه وعنايته التامة في تعجيل إرساله ونصوصه المتوالية في الاسراع به على وجه يسبق الأخبار وبذله والوسع في ذلك منذ عبأه بنفسه وعهده إلى أسامة في أمره وعقد لواءه بيده إلى أن احتضر بأبي هو وأمي فقال " اغد على بركة الله تعالى " كما سمعت، ولولا الخليفة لا جمعوا يومئذ على رد البعث وحل اللواء لكنه أبى عليهم ذلك، فلما رأوا منه العزم على إرسال البعث جاءه عمر بن الخطاب حينئذ يلتمس منه بلسان الأنصار أن يعزل أسامة ويولي غيره.
هذا ولم يطل العهد منهم بغضب النبي وانزعاجه من طعنهم في تأمير أسامة،