قال عمر رضي الله عنه بحضرة النبي صلى الله عليه وآله عن حاطب - وحاطب مهاجري بدري -: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فما كان عمر بتكفيره حاطبا كافرا، بل كان مخطئا متأولا ا ه.
قلت: لا يخفى أنه جعل الملاك في التكفير إنما هو العناد لله ورسوله، وهذا لا وجود له فيمن ينتحل دين الإسلام. نعم قد يكون الساب (والعياذ بالله) جاهلا أو ذا شبهة أوردته ذلك المورد، فيكون معذورا.
ويدل على عدم كفر المسلم به إطلاق الأحاديث التي سمعتها في كل من الثاني والثالث والرابع والخامس من هذه الفصول فراجع.
وأيضا يدل على عدم الكفر مضافا إلى ذلك ما أورده القاضي عياض في الباب الأول من القسم الرابع من كتاب الشفا نقلا عن القاضي إسماعيل وغير واحد من الأئمة أن رجلا سب أبا بكر بمحضر منه رضي الله عنه، فقال له أبو برزة الأسلمي: يا خليفة رسول الله دعني أضرب عنقه. فقال: اجلس ليس ذلك لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله (11).
وفي ذلك الباب من الشفا أيضا أن عامل عمر بن عبد العزيز بالكوفة استشاره في قتل رجل سب عمر رضي الله عنه، فكتب إليه: لا يحل قتل امرء مسلم بسب أحد من الناس إلا رجلا سب رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن سبه فقد حل دمه ا ه.
قلت: أفضى بنا الكلام إلى ما هو غير مقصود بالذات، وليس الغرض إلا