فقاتل الله الحرص على الدنيا، وقبح الله التهالك على الخسائس، ما أشد ضررهما وما أفظع خطرهما، نبذ أولئك الدجالون حكم الله وراء ظهورهم طمعا في الوظائف، وحكموا بما تقتضيه سياسة ملوكهم رغبة في المناصب، وأرجفوا في المؤمنين وفرقوا كلمة المسلمين، ولولاهم لتعارفت الأرواح وائتلفت القلوب وامتزجت النفوس واتحدت العزائم، فلم يطلع بالمسلمين طامع ولم يرمقهم من النواظر إلا بصر خاشع، ولكن وا أسفاه استحوذ عليهم أولئك المفسدون الذين ينحرون دين الله في سبيل الوظائف ويضحون عباده في طلب القضاء والافتاء، فتناكرت بفتاويهم وجوه المسلمين وتباينت بأراجيفهم رغائب الموحدين حتى كان من تفرق آرائهم وتضارب أهوائهم ما تصاعدت به الزفرات وفاضت منه العبرات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(١٦٣)