عليها السلام، فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها، فقال (لها) رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت:
يا رسول الله! أخشى الضيعة على نفسي وولدي بعدك، فاغرورقت (1) عينا رسول الله (2) (بالبكاء) ثم قال: يا فاطمة! أما علمت إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه حتم الفناء على جميع خلقه، وأن الله تبارك وتعالى اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها أباك، ثم اطلع اطلاعة فاختار منها زوجك، فأوحى (الله) إلي أن أزوجك إياه (3) وأن اتخذه وليا ووزيرا وأن أجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي (3)، ثم اطلع (اطلاعة) ثالثة فاختارك و (اختار) ولدك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة، (وولدك) وابناك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهتدون، فالأوصياء بعدي أخي علي ثم الحسن ثم الحسين ثم تسعة (4) من ولد الحسين (عليه السلام) في درجتي (ودرجة إبراهيم)، ليس في الجنة درجة أقرب إلى الله تعالى من درجة أبي إبراهيم)، أما تعلمين يا بنية، إن من كرامة الله عز وجل إياك أن أزوجك بخير أمتي وخير أهل بيتي أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما، فاستبشرت فاطمة وفرحت بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم قال: يا بنية! إن لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله وسنتي، وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (عليه السلام)، فإن الله عز وجل علمني علما لا يعلمه غيري، وعلم ملائكته ورسله علما، فكلما علم ملائكته ورسله فأنا أعلمه (4)، وأمرني (ربي) عز وجل أن أعلمه، إياه ففعلت، فليس أحد من