والإمام ونقل عن المجلسي كلاما في الفرق والإشكال فيه، ثم قال في آخر كلامه: - وأما النسبة بين المحدث والإمام فالعموم المطلق، لانفراد المحدث عن الإمام في مثل فاطمة وسلمان واجتماعهما في مثل أئمتنا - إلى أن قال: - إن سماع الصوت بون المعاينة ليست من خواص الإمامة بل آية عامة، لوجودها في المحدث فلا تدور الإمامة مدار هذه الصفة، بل تدور الصفة مدارها - انتهى).
وقد أعرب بعض أفاضل المعاصرين في رسالته التي ألفها في بعض قواعد علم الرجال والحقه بكتاب منتهى المقال، حيث قال في تعريف علم الرجال: (إنه ما وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتا ووصفا، مدحا وقدحا، فبقية الوضع خرج ما كان من علم الحديث والتاريخ وغيرهما مشتملا على بيان جملة من الرواة على الوجه المذكور، فإن شيئا من ذلك لم يوضع لذلك، وكذا علم الكلام إن لم يخص الرواة بغير الأئمة، ولذا رووا عن آبائهم، وفي كثير من الأخبار إطلاق المحدث عليهم، وهو بمعنى الراوي، كما هو ظاهر هذه الأخبار وغيرها - انتهى).
ولولا قوله: (كما هو ظاهر هذه الأخبار)، لقلت: إن هذا التصحيف العجيب منه ناشئ عن قصور تتبعه وعدم رجوعه إلى كتب الأحاديث، ولكن تصريحه بأنه ظاهرها كاشف عن عدم تعمقه فيها، وما ذكره من التعريف لا يخلو عن مناقشة، والأولى في تعريفه - كما حققنا في محله (1) -: إنه علم يبحث فيه عن أحوال الراوي مما له مدخلية في قبول الخبر ورده.
إذا عرفت جميع ذلك ظهر لك إن مقام المحدثية مقام عظيم، بل يظهر من بعض الأخبار انحصار رتبة بعض الأنبياء فيها، وإنه لم يكن في الأمة محدث غير سلمان وفاطمة عليها السلام بعد الأئمة عليهم السلام.
وأما الخبر الصادقي الأخير، فالمحدث فيه بالكسر - كما يظهر من قوله: