أنبيائه: إن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له: بخت نصر وفي زمانه، وأخبرنا بالخبر الذي يخرب فيه، والله عز وجل يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت، فلما بلغنا ذلك الخبر الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم، نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له: دانيال، في طلب بخت النصر ليقتله فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة، فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم هو الذي أمر (ه) بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه وإن لم يكن هذا فعلي أي شئ تقتله، فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا وأخبر (نا) بذلك، فقوى بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا، وميكائيل عدو (ا) لجبرئيل. فقال سلمان: بابن صوريا! فبهذا العقل المسلوك به غير سبيله (ا) ضللتم، أرأيتم أوائلكم كيف تعثوا من يقتل بخت نصر وقد أخبرنا الله تعالى في كتبه على ألسنة رسله أنه يملك ويخرب بيت المقدس، أرادوا تكذيب أنبياء الله في إخبارهم أو اتهموهم في إخبارهم أو صدقوهم في المخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله، هل كان هؤلاء ومن وجهوه إلا كفارا بالله، وأي عداوة يجوز أن تعتقد لجبرئيل وهو يصد عن مغلبة الله وينهي عن تكذيب خبر الله (تعالى)؟ فقال ابن صوريا: قد كان الله (تعالى) أخبر بذلك على ألسن أنبيائه ولكنه يمحو ما يشاء ويثبت.
قال سلمان: فإذن لا تثقوا بشئ مما في التوراة من الأخبار عما مضى وما يستأنف، فإن (الله) يمحو ما يشاء ويثبت، (وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة وأبطلا في دعواهما (1) لأن الله يمحو ما يشاء ويثبت)، ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون لا يكون وما أخبراكم أنه لا يكون يكون، وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن وما أخبراكم إنه لم يكن لعله كان، ولعل ما وعده من الثواب يمحوه، ولعل ما توعد به من العقاب