لي، فقال: ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول وهم بالأئمة الآخرين كافرون، يا أبان إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض ": هذا الحديث يدل على ما هو التحقيق عندي من أن الكفار غير مكلفين بالأحكام الشرعية ما داموا على الكفر (1).
وفيه: أن هذا الحديث بظاهره لما كان مخالفا للمذهب المشهور المنصور، ولظاهر هذه الآية وظواهر كثير من الآيات، وجب تأويله على تقدير إمكانه أو رده على تقدير عدمه، لما ورد عن الصادقين (عليهم السلام) في كثير من الأخبار: " إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإذا وافقه فخذوه، وإن خالفه فردوه واضربوا به عرض الحائط " (2).
وفي الكافي بسند صحيح عن الصادق (عليه السلام): " إن الحديث الذي لا يوافق القرآن فهو زخرف " (3).
وعنه (صلى الله عليه وآله): " ستكثر من بعدي الأحاديث، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فانبذوه " (4) إلى غير ذلك من الأخبار.
وبالجملة: مدار الاستدلال بالآيات والروايات على الأحكام الشرعية من السلف إلى الخلف على الظاهر المتبادر المنساق إلى الذهن لما تقرر في الأصول من امتناع أن يخاطب الله بشئ يريد خلاف ظاهره (5) من دون البيان، وإلا لزم الإغراء بالجهل، لأن إطلاق اللفظ الظاهر الدلالة على معنى يوجب اعتقاد سامعه العالم بوصفه إرادة لافظه منه ذلك المعنى، فإذا لم يكن ذلك المعنى مرادا للافظ كان اعتقاد السامع إرادته له جهلا، فإطلاقه مع عدم إرادته معناه الظاهر إغراء