الآية، حيث قال: وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالفروع (1)، ولا يخفى أن سياقها ظاهر في أنها تكليف للمؤمنين بمنعهم من المسجد وما بعدها وهو * (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله) * (2) أيضا دليل عليه. ثم قال: وأنت خبير بأنه لو كان المراد نهي الكفار وخطابهم وتكليفهم مع قطع النظر عن المؤمنين ولم يكن له تعلق بالمؤمنين ولم يكن للخطاب بالمؤمنين حاصل وثمرة، إلا أن يكون المراد خطابهم إياهم وتبليغهم لهم، وفيه تعسف وحمل الآية على تكليف المؤمنين بالمنع وعلى تكليف المشركين بعدم القرب معا، قريب من الجمع بين الحقيقة والمجاز. على أن تكليف الكفار بما يشترط فيه الكفر (3) ويتوقف عليه يجري مجرى تكليف المحال، لأنهم لا يتمكنون من امتثاله حالة الكفر ولا حالة الإيمان لو وقع بدل الكفر، بخلاف سائر الفروع، فإن الكافر لو بدل الكفر بالإيمان وقت الزوال لتمكن من إيقاع الصلاة الصحيحة الشرعية (4)، إلى هنا كلامه طاب منامه.
وأنت خبير بأن علاوته هذه - مع أنها واهية في نفسها لما عرفته - منقوضة بكون الجنب مثلا منهيا عن دخوله المسجد، لأنا نقول: تكليفه بما يشترط فيه الجنابة ويتوقف عليها يجري مجرى تكليف المحال، لأنه لا يتمكن من امتثاله حالة الجنابة ولا حالة الطهارة لو وقعت بدل الجنابة. فما هو جوابه عن هذا؟ فهو جوابنا عن ذلك.
وحله كما سبق: أن الامتثال لا يتوقف على الإيمان، ولا يمنعه الكفر، وإلا يلزم منه الدور فيما إذا كان المأمور به هو الإيمان، وإنما هو موقوف على قدرة المكلف وتمكنه وفهمه التكليف، ولا شك أن الكافر حالة كفره متمكن من الامتثال بهذا المعنى، إذ هو قادر عليه فيصح منه كف النفس عن الدخول، فيكون ممتثلا وعاملا بمقتضى النهي وعدمه، فيكون عاصيا وتاركا لمقتضاه.
نعم لا يترتب عليه أثر الصحة بمجرد موافقة الأمر، بل لا بد وأن يكون مسبوقا