الأصحاب لم يعدوا الهبة من أقسام الطلاق.
وبما قررنا ظهر فساد ما توهمه بعض (1) معاصرينا - ممن ألقى بيده إلى مهلكة الافتاء من حيث لا يشعر - من عدم جواز هبة الأب المدة المضروبة في نكاح متعة ولده الصغير، مستدلا بأنها طلاق، والخبر المذكور يدل على عدم جواز طلاقه عنه، وذلك لأنه إن أراد أن الهبة المذكورة طلاق شرعي ففيه ما عرفته، وإن أراد أنها طلاق لغوي ففيه أيضا ما عرفته من أن المراد بالطلاق المذكور في الخبر هو الطلاق الشرعي.
وبالجملة: دلالة الخبر على عدم جواز هبة الولي المدة إنما تثبت أن لو كان المراد بالطلاق المذكور فيه هو الطلاق بالمعنى اللغوي، ودون ثبوته خرط القتاد، وكيف لا والأصحاب مصرحون بأن المتعة لا يقع بها طلاق كما مر؟ وهذا منهم صريح في أنهم حملوا الطلاق المذكور فيه على معناه الشرعي، وإلا فلا وجه لتخصيصهم الطلاق بغير المتعة، واعتبارهم في المطلقة الدوام.
على أن قول الرضا والباقر (عليهما السلام): " المتعة تبين بغير طلاق " صريحان في أن هبة المدة لا تسمى طلاقا شرعيا، وإلا لكانت بينونتها في صورة الهبة بالطلاق لا بغيره.
فالصواب صحة هبة الولي، لثبوت ولايته المجوزة للتصرف في أمور المولى عليه مع رعاية الغبطة والمصلحة، وتخلفه في صورة الطلاق لدليل خارج لا يوجب إلحاقها به، لأنه قياس لا نقول به. وأيضا فإن " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " كما قال الصادق (عليه السلام)، وقد رواه الصدوق (رحمه الله) في الفقيه (2). وهبة الولي المدة مما لم يرد فيه نهي وخصوصا إذا كانت المدة قليلة غير واصلة إلى زمان بلوغ الصبي، فإن في هذه الصورة لا يتصور له أمد يترقب ويزول فيه نقصه ليقع الطلاق بيده على تقدير كون الهبة طلاقا شرعيا.