الرجل البصير.
واعلم أنه - طاب ثراه - بعد نقله كريمة * (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون) * (1) قال: فيها دلالة على وجوب الزكاة على الكفار، لأنه يفهم منها أن للوصف بعدم إيتاء الزكاة دخلا في ثبوت الويل لهم، ولكن علم من الإجماع وغيره عدم الصحة منهم إلا بعد الإسلام (2). إلى هنا كلامه طاب منامه.
فإن قلت: * (الذين لا يؤتون الزكاة) * صفة كاشفة على طريقة الألمعي الذي يظن بك الظن، فيدل على أن المراد بالمشركين من لا يؤتي الزكاة، وإطلاقه عليه من باب المبالغة كإطلاق الكافر على تارك الحج في قوله: * (ومن كفر) * وكذلك حصر الكافرين بالآخرة فيهم للمبالغة والإشارة إلى غاية اهتمامه تعالى بشأن الزكاة ووجوب إخراجها، ويدل عليه أيضا بعض الروايات كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم " (3). وقوله * (وهم بالآخرة هم كافرون) * جملة حالية تعليلية، أي: عدم إتيانهم الزكاة لأنهم غير مؤمنين بالآخرة، إذ الإيمان بها يقتضي إيتاؤها، فعدمه دليل على عدمه، فدلت الآية على شرك الموصوفين بعدم الإيتاء المعلل بعدم الإيمان بالآخرة، ولا دلالة فيها على وجوب الزكاة على الكفار ليثبت به تكليفهم بالفروع.
قلت: فيها دلالة على أن ترك الزكاة من صفات الكفار، وفي تعليق الويل على الوصف بعدم الإيتاء إشعار بعليته لثبوتها لهم، فتدل على وجوبها عليهم، ويلزم منه كونهم مكلفين بها.
قال القاساني في الصافي بعد نقله ما رواه القمي عن أبان بن تغلب " قال:
قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبان أترى أن الله طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به، حيث يقول * (وويل للمشركين) * الآية؟ قلت له: جعلت فداك فسره