لو أن السماوات وعامريهن والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله " (1).
أقول: المراد بعامريهن ساكنوهن الذين يعمرونهن بالعبادات والطاعات وألوان التسبيحات والتقديسات، فإنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فشبه ذلك بالعمران من البلاد، لأن من شأنها أن تكون فيها أنواع النعم وما يحتاج إليه الأمم.
وفيه تنبيه على كون الأفلاك وساكنيهن من الملائكة أجساما ثقالا ذوات مقادير، إذ المقام يقتضي ذكر ماله ثقل ومقدار، فدل على بطلان القول بأن الفلك لا ثقل له كما هو المشهور بين الجمهور من الحكماء، بل أكثر المتكلمين أنها غير موصوفة بالثقل وإلا لزم قبولها الحركة المستقيمة، ويدل عليه أيضا ظاهر قوله تعالى: * (الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) * (2).
وفي ترك عامري الأرض تنبيه على قلتهم بالنسبة إلى عامري السماوات فكأنهم ليسوا في جنبهم بشئ له مقدار وثقل، أو حذف اكتفاء، أو هو من قبيل ذكر الشئ بأكثر أجزائه.
والمراد: أن ثواب لا إله إلا الله يثقل الميزان ويرجح كفة الحسنات حتى لو كانت في كفة السيئات أثقال الأرضين والسماوات وما فيهما لمال بهن، والكلام:
إما محمول على تجسم الأعمال كما ذهب إليه كثير من أهل الإسلام، ويؤيده ظاهر كثير من الآيات والروايات، منها رواية قيس بن عاصم وأبياته المشهورة التي منها:
تخير خليطا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل ولا بعد فيه، فإن صورة العلم في اليقظة أمر عرضي، ثم إنه تظهر في النوم بصورة اللبن، فالظاهر في الصورتين حقيقة واحدة ظهرت في كل ظرف بصورة