بالإيمان، وهو أمر آخر لا ينفعه (رحمه الله).
نعم يرد على البيضاوي أن الآية ليست دليلا على كونهم مخاطبين بالفروع، بل غاية الأمر استفادته منها كما أومأ إليه الفاضل الأردبيلي (1) وذلك لأنهم إنما يطلقون الدليل على ما هو نص أو ظاهر، لا على ما هو متساوي الاحتمالين أو خلاف الظاهر، ولعله أراد بالدليل هنا غير ما يفهم من هذا اللفظ بحسب العرف، بل ما يندرج فيه الاحتمال وإن لم يكن معروفا فيهم، لأنه يبعد عن مثله الغفلة عن عدم كونها دليلا عليه بالمعنى المتعارف، كيف لا وهو قد رأى أن صاحب الكشاف نقل عن عطاء أنه قال: نهى المشركين أن يقربوه، راجع إلى نهي المسلمين عن تمكينهم منه (2)، واقتصر عليه ولم يذكر احتمالا آخر، كما أومأ إليه الأردبيلي بقوله: بل قيل هو المراد من النهي.
ثم الظاهر أن صاحب الكشاف إنما اقتصر على مجرد نقل قول عطاء، ولم يحتمل في الآية ما احتمله البيضاوي وغيره، لأنه حنفي الفروع، وأبو حنيفة زعم أن الكفار غير مكلفين بالفروع كما سبق في أول المسألة، وقد نقله عنه أيضا شيخنا الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة (3).
وأما البيضاوي فلما كان شافعي الفروع، والشافعي يقول بكونهم مكلفين بها كما هو مذهب الأكثر، حمل الآية عليه ردا على الكشاف، وزعما منه أنه الظاهر منها، حتى أنه جعلها دليلا عليه.
والظاهر أن ذلك إنما صدر منه لحرصه على المذهب وتعصبه على تصحيحه كما هو دأبهم، وقد قيل: إن حبك الشئ يعمي ويصم، وبالجملة: هما على طرفي الإفراط والتفريط.
وأما الفاضل الأردبيلي (رحمه الله) فلما أمعن النظر في الآية ورأى أنها تحتملهما معا، لانتفاء منع الجمع، حملهما عليه ردا عليهما، وهو الحق، كذلك يفعل