أنه قال: " ما من الكلام كلمة أحب إلى الله عز وجل من قول لا إله إلا الله، وما من عبد يقول: لا إله إلا الله يمد بها صوته فيفرغ إلا تناثرت ذنوبه تحت قدميه كما يتناثر ورق الشجر تحتها " (1).
أقول: إنما صارت هذه الكلمة الطيبة أحب الكلمات إلى الله عز وجل لأنها أعلى كلمة وأشرف لفظة نطق بها في التوحيد، دالة على وجوده تعالى مفهوما وعلى وحدته منطوقا، وعلى استجماعه لجميع صفات الكمال وتنزهه عن جميع النقائص والزوال، وليس في الأذكار ما يدل على ذلك دونها لأنها: إما تمجيد أو تنزيه، بخلاف هذه الكلمة فإنها جامعة بينهما منطبقة على جميع مراتب التوحيد.
أو يقال: لما كان الشريك وهو من يمنع صاحبه أن يتصرف فيما اشتركا فيه على ما يريد وهو ينافي السلطنة والملك أبغض الأشياء إليه تعالى، ولذا لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، كان أحب الأشياء إليه نقيضه وهو التوحيد المدلول عليه بلا إله إلا الله، فكانت أحب الكلمات إليه تعالى.
وبما قررنا ظهر وجه ما في خبر آخر نبوي: " ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلا الله " (2) وما في آخر باقري: " ما من شئ أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله " (3) وما في آخر صادقي: " قول لا إله إلا الله ثمن الجنة " (4) ونظائرها في الأخبار كثيرة، هذا.
وأما انطباقها على توحيد الأفعال، وهو أن يعتقد الموحد أن لا مؤثر في الوجود إلا الله وإليه يذهب الحكماء الموحدون أيضا لأنهم يجعلون ما عداه تعالى بمنزلة الشرائط والآلات، فلأن علة الوجود كما صرح به بهمنيار في التحصيل لا تصلح أن تكون إلا ما هو برئ من كل وجه من معنى ما بالقوة، وهذا صفة الأول تعالى، إذ لو كان مفيدا لوجود ما فيه معنى ما بالقوة عقلا كان أو جسما كان للعدم شركة في إفادة الوجود، وكان لما بالقوة شركة في إخراج الشئ من القوة إلى